حكمة الصيام - جمعية مركز الإمام الألباني للدراسات والأبحاث

حكمة الصيام

  • محمد موسى نصر
  • 11/08/2018
  • 6957

قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} [البقرة: 183].
يقول تعالى مخاطباً للمؤمنين من هذه الأمة وآمراً لهم بالصيام(1) -وهو الإمساك عن الطعام والشراب والوقاع بينة خالصة لله عز وجل-، وفي وقت مخصوص -لما فيه زكاة النفوس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الردينة والأخلاق الرذيلة، وذكر -سبحانه- أنه كما أوجب عليهم فقد أوجب على من كان قبلهم، فلهم فيه أسوة، وليجتهد هؤلاء في أداء هذا الفرض أكمل مما فعله أولئك كما قال تعالى: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم في ما أتاكم فاستبقوا الخيرات}(2) [المائدة: 48].
قال الشيخ السعدي رحمه الله:
يخبر الله تعالى بما منَّ الله به على عباده، بأنه فرض عليهم الصيام كما فرضه على الأمم السابقة، لأنه من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان.
وفيه تنشيط لهذه الأمة، بأنه ينبغي لكم أن تنافسوا غيركم في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصصتم بها(3).
والحكمة الأساس التي من أجلها شرع الصيام هي قوله تعالى: {لعلكم تتقون} فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، للأمور التالية:
1- لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه مما اشتمل عليه من التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها، التي تميل إليها نفسه، متقرباً بذلك إلى الله، راجياً بتركها ثوابه، فهذا من التقوى.
2- ومنها أن الصائم يدرب نفسه على مراقبة الله تعالى، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
3- ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم(4)، فبالصيام يضعف نفوذه، وتقل منه المعاصي.
4- ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته والطاعات من خصال التقوى.
5- ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع، أوجب له ذلك مواساة الفقراء المعدمين وهذا من خصال التقوى(5).
فالصيام يربي ملكة التقوى في المؤمن، وفي الصيام فوائد دينية واجتماعية عظيمة أشار إليها ربنا بقوله: {إن كنتم تعلمون} ومنها على ما ذكره العلماء.
1- يعود الصائم الخشية من الله تعالى في السر والعلن.
2- يكسر حدة الشهوة، ولذا أرشد العازب إلى الصوم.
3- يربي الشفقة والرحمة في النفس.
4- فيه المساواة بين الأغنياء والفقراء والأشراف والأوضاع.
5- صحة للبدن أما البدن يتطهر من الفضلات والسموم وأما الروح فبتزكيتها وتهذيبها(6).
فهل تعي أمتنا الصيام معنى وحكمته وأركانه وواجباته وآدابه كي تسعد وتسُعد في الدنيا والآخرة.
وما ذلك على الله بعزيز