رقم الفتوى
53
تصنيف الفتوى
المنهج
التاريخ
09/06/2018
السؤال :
ما رأيكم في المذاهب الأربعة؟ الجواب :
لقد وحَّد لنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم مصدر التلقي في الإسلام وهو الكتاب والسنة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة رسوله». [حسن لغيره، أخرجه مالك في «الموطأ» (2/899)].ووحّد لنا مصدر الفهم في العقيدة والمنهج والفقه وكل أمور الدين وهو فهم أصحابه، فقال: «تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة، كلهم في النار إلا واحدة»، قالوا: وما هي تلك الفرقة؟ قال: «ما أنا عليه اليوم وأصحابي». [حسن، أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (رقم724)]
فأمرنا باتباع الكتاب والسنة بفهم الصحابة، ولم يأمرنا بتقليد مذهب من المذاهب الأربعة أو غيرها، ولهذا نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم وأمروا باتباع الدليل وما ثبت من السنة.
فهذا أبو حنيفة كان يقول: «لا يحل لمن يفتي من كتبي أن يفتي حتى يعلم من أين قلت». [أخرجه ابن
عبد البر في «الانتقاء من فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء» (ص144-145)]
وقال الشافعي -رحمه الله-: «كل ما قلت؛ فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح، فحديث النبي صلى الله عليه وسلم أولى ولا تقلدوني». [أخرجه ابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه» (ص68و93)]
وقال مالك -رحمه الله-: «ليس من أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم». [«إرشاد السالك» (227/) لابن عبد الهادي]
وقال أحمد بن حنبل -رحمه الله-: «الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه، ثم هو من بعد التابعين مخير». [«مسائل الإمام أحمد» لأبي داود (ص276و277)](*)
ولا يعني الرجوع إلى السنة ترك أقوال الأئمة الأربعة واجتهاداتهم مطلقاً، إنما يستفاد من أقوالهم ويستعان بها على فهم وجه الحق فيما اختلفوا فيه مما ليس عليه نص في الكتاب والسنة، أو ما كان بحاجة إلى توضيح.
ولا يجعل المذهب ديناً، بحيث يحل محل الكتاب والسنة، ويرجع إليه عند التنازع، واستنباط الأحكام، وينبغي الاعتذار للأئمة عمّا أخطأوا فيه، مع توقيرهم والترحم عليهم، وزجر السفهاء عن التطاول عليهم، وسوء الأدب معهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا! ويعرف لعالمنا حقه».
[حسن، «صحيح الجامع» (5443)]
--------------------------
(*) انظر هذه الأقوال وغيرها في مقدّمة «صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 21-30) لشيخنا الألباني.