رقم الفتوى
6
تصنيف الفتوى
العقيدة
التاريخ
09/06/2018
السؤال :
أنا شاب جزائري مصاب بالسِّحر -عافاكم الله-، أرجو إرشادي للتخلص من هذا الداء، فلم يبقَ من ديني إلا الشهادتان، أكاد أفقدهما من قوة تأثير السِّحر، أو أكاد أُجَنّ، فكل أعمالي تعطلت، والسلام عليكم؟ الجواب :
لا شك أن السِّحْر موجود، وله تأثير على الإنسان بإذن الله -عز وجل-، قال -تعالى-:{واتبعوا ما تتلوا الشياطينُ على ملك سليمانَ وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السِّحر وما أُنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنّما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله} [البقرة :102].
وقد سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم فنجاه الله مِن السِّحر، وأرسل إليه ملكين فأخبراه عن مكان السِّحر، فاستخرجه، وأتلفه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سُحر، حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهنَّ، قال سفيان: وهذا أشدُّ ما يكون مِن السحر إذا كان كذا، فقال: «يا عائشة! أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي والآخر عند رجليَّ، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مَطْبُوبٌ [أي: مسحور]، قال: ومن طبَّه؟ قال: لَبيدُ بن الأعصم رجلٌ من بني زُرَيق حليف ليهود كان منافقاً، قال:وفيمَ؟ قال: في مُشطٍ ومشاطة، قال: وأين؟ قال: في جُفّ طلعةٍ ذكرٍ تحت رَعوفةٍ في بئر ذرْوان»، قالت: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم البئر حتى استخرجه، فقال: «هذه البئر التي أريتها، وكأنَّ ماءها نُقاعة الحِناء، وكأن نخلها رؤوس الشياطين»، قال: فاستُخرجَ، قالت: فقلت: أفلا؟ -تَنَشَّرْتَ-، فقال: «أما والله فقد شفاني، وأكرهُ أن أثيرَ على أحد من الناس شراً» [أخرجه البخاري (5765)، ومسلم (2189)].
قال الإمام النووي -رحمه الله- في «شرح صحيح مسلم» (7/396): «قال الإمام المازري -رحمه الله-: مذهب أهل السنة وجمهور علماء الأمة على إثبات السحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة خلافاً لمن أنكر ذلك، ونفى حقيقته وأضاف ما يقع منه إلى خيالات باطلة لا حقائق لها، وقد ذكره الله -تعالى- في كتابه، وذكر أنه مما يتعلم، وذكر ما فيه إشارة إلى أنه مما يكفر به، وأنه يفرق بين المرء وزوجه، وهذا كله لا يمكن فيما لا حقيقة له، وهذا الحديث -أيضاً- مصرح بإثباته، وأنه أشياء دفنت وأخرجت».
فإذا وُجِدَ السِّحر سواءً كان تعقيد خيوط، أو غير ذلك، فإنه يتلف، وهذا أحسن طرق العلاج.
ويكون العلاج أيضاً بقراءة القرآن، سواءً قرأ المسحور على نفسه إن استطاع، أو قرأ عليه غيره، يقرأ آيات الرقية المعروفة في الشرع، وهي سورة الفاتحة، وآية الكرسي، وآخر آيتين من سورة البقرة، وسورة الإخلاص، والفلق، والناس، ويدعو لنفسه بالشفاء بالأدعية المأثورة، وبما تيسَّر، ولابن حجر العسقلاني في كتابه «بذل الماعون في فضل الطاعون» فصل بعنوان: «ذكر الآثار التي تحرس قائلها من كيد الجن» حَصَرَ فيه جميع المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسَّلّف فيما يحرس المسْحور.
ومن ذلك الاستصباح بسبع تمرات عجوة، فعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تصبح سبع تمراتٍ عجوةً لم يضره ذلك اليوم سمٌ ولا سحرٌ» [أخرجه البخاري (5769)، ومسلم (2047)].
وهناك طرق أخرى لعلاج السحر؛ كاستفراغ المادة الفاسدة، بواسطة الحجامة، والمسهّلات، والقيء.